أخطائه
المحتويات
الموعد المتفق كل أسبوع كي يراهم أبيهم وتعمدت الذهاب مبكرا كي لا تتقابل معه وها هي ثريا تستقبلها بحفاوة كبيرة و ود أكبر قائلة وهي تقبل الأولاد
اهلا يا بنتي اتفضلي البيت نور و وحشتوني يا ولاد
اجابتها رهف بود مماثل وهي تدخل معها
اهلا بيك يا ماما طمنيني على صحتك وعلى يامن ونادين
اجلستها ثريا واجابتها ببصيص أمل
بس انا قلقانة تلفوناتهم مقفولة وهي مكلمتنيش النهاردة زي كل يوم وقلبي مش مطمن
ربتت رهف على يدها و واستها متفائلة
إن شاء الله خير وربنا هيجمع شملكم من تاني واكيد هيكلموك ويطمنوك متقلقيش
لتبتسم رهف بود وتستأذن قائلة
انا لازم امشي يا ماما...عندي اجتماع مع عميل كمان ساعة و مش عايزة اتأخر
هزت ثريا رأسها بتفهم بينما هي نهضت قائلة لأطفالها
متعملوش شقاوة وتتعبو تيتة ثريا لتخص ابنتها بنظراتها
وأنت يا شيري اوعي تبلي هدومك زي عوايدك وتلعبي بالماية
اجابتها شيري بطاعة
حاضر مش هعلب بالماية بس قولي ل شريف يلعب معايا وميغلس عليا
انا مش بغلس انت اللي مش بتعرفي تلعبي لعب الصبيان
عقبت رهف على مناقرتهم بتوجيه جدي
خلاص يا ولاد وبعدين انا قولت ايه خليكم متفاهمين...لتوجه نظراتها لصغيرها وتستأنف
وانت يا شريف دي أختك حبيبتك متزعلهاش وألعب معاها
هز الصغير رأسه بطاعة بينما هي استأذنت من ثريا وغادرت وما أن كادت تصل لسيارتها وجدته أمامها بهيئة مبعثرة لم تعتاد أن يكون عليها...ابتلعت غصتها التي تتكون فور رؤيته ويتدفق معها الكثير من الذكريات المؤلمة التي لطالما حاولت وئدها...و تهربت بنظراتها ساحبة نظارتها الشمسية التي ترفعها على خصلاتها البندقية التي استعادت لونهم الأصلي و وضعتها على عيناها بكل ثقة دون أن تعيره أي اهمية اقتربت من السيارة وكادت تفتح بابها لولآ انه قال بنبرة ظهر العتاب جلي بها
زفرت انفاسها والتفتت له قائلة بإقتضاب شديد
ازيك يا بشمهندس
اجابها بملامح متهدلة وهو يقف أمامها يتأمل كل أنش بها بأعجاب شديد استشفته هي بكل وضوح من نظراته التى كانت تمر عليها ببطئ ابتدئا من خصلاتها حتى طرف حذائها
وحشتيني يا رهف
ومش كويس من غيركم وحاسس أن حاجات كتير نقصاني ليه مش عايزة تدينا فرصة تانية انا ندمت وعرفت قيمتك وقيمة أن ولادي يبقوا جنبي
ولادك في أي وقت عايزهم جنبك هيكونوا لو عايز تاخدهم يباتوا أو يخرجوا معاك انا معنديش مشكلة ده حقك بس لو سمحت بلاش تتطرق للي فات ومتهيئلي أي كلام هتقوله مش هيغير حاجة خلينا في دلوقتي والوضع الجديد لازم تتقبله وتتعايش معاه
نفى برأسه وأخبرها بأنهاك
مش أنت لوحدك اللي غلطت أنا كمان كنت غبية ومسالمة ازيد من اللازم وكنت بتهاون في حقي وحق ولادي...لتخفت نبرتها وتزيح بوجهها تلملم خصلاتها بشيء من الارتباك وهي تضيف
كنت فاكرة إني بعمل الصح واللي مفروض أي واحدة تعمله علشان متخربش بيتها والحياة تمشي بس للأسف اكتشفت اني كنت بظلم نفسي وان تهاوني ده انت عمرك ما شوفته تضحية... لأ أنت افتكرته حق مكتسب ليك
فمتلومش نفسك انا كمان غلطت زيك بس الفرق بيني وبينك أنك رغم كسرك ليا إلا إني قويت ورجعت ل رهف القديمة اللي انت كنت بتحاول تمحيها بكل الطرق
حاول هو الدفاع عن ذاته
لو قصدك على الشغل انا مكنش عندي مانع تشتغلي طالما مش هتقصري في بيتك او معايا
تنهدت هي تنهيدة مثقلة واجابته بتلك الحقيقة التي يتعمد اخفائها
حتى لو كنت اشتغلت وقتها كنت هتحبطني وهتكره نجاحي انت كنت بتقولي كده علشان تبان أنك بتعمل اللي عليك لكن أنت بينك وبين نفسك كنت ضامني وعارف إني كان عندي اولويات تانية...بكل أسف وقتها كنت انا نفسي كنت فكراها تستحق... لتزفر أنفاسها دفعة واحدة وكأنها أزاحت حمل ثقيل عنها ثم تستأنف ببسمة ساخرة من ذاتها قبل أي شيء أخر وهي تهم بفتح باب سيارتها تنوي المغادرة
مش بقولك كنت غبية يا بشمهندس
تمسك بذراعها يمنعها من الصعود للسيارة قائلا بعتاب مضني وعينه تحاول استعطافها
للدرجة دي حبك ليا صنفتيه غباء...ظلت نظراتها ثابتة دون تأثر بحرف مما نطق وكأنها أرادت أن تؤكد له لتغيم عينه ويغمغم بنبرة مرتعشة نادمة
بس... أنا لسة... بحبك
نمت
بسمة ممزقة على ثغرها من تلك الكلمة التي لطالما لم تستشعرها منه وكانت تصدر حينها باردة دون مشاعر تذكر وكأنها نابعة من قلب الصقيع
انت عمرك ماحبيتني أنت اتجوزتني علشان لقيت فيا كل المقايس اللي تناسبك وحتى لو افترضنا أنك حبتني الحب مش كل حاجة وعمره ما كان مبرر لأخطائنا وفي حاجات كتير أوي أهم منه
فرت دمعة من عيناه دون إرادة لا يعلم هل هي من شدة ندمه أم من صدق حديثها وفي الحالتين كان يدرك أنه بالفعل خسرها ولاسبيل من استعطافها
اتغيرتي اوي يا رهف كل حاجة فيك بقت مختلفة...انا مش مصدق أن دي أنت
سحبت ذراعها من قبضته وقالت بصمود يخالف تلك الأعاصير بداخلها وذلك الانين الصادر من ذلك الچرح الغائر الذي لم يندمل بعد
لأ انا هي يا بشمهندس... و الفضل يرجع ليك...عن اذنك
ذلك آخر ما تفوهت به قبل أن تصعد لسيارتها أمام عيناه اللامعة بدمعها وهو لا يصدق أن تلك هي رهف خاصته التي فرط بها
أما هي كانت تقطع الغرفة ذهابا وايابا طوال الليل ولم تغمض لها عين من شدة توترها وطول أنتظارها لذلك الخبر
الذي طالما تمنته من كل قلبها كي تستولى على ثروته وتعوض بها تلك السنوات التي دفنت بها صباها معه. فقد حاكت الأمر وخططت لكل شيء
حتى أنها من شدة سذاجتها ابتاعت العديد من الملابس السوداء كي تنعيه بها وتعبر عن إخلاصها...حانت منها بسمة مفعمة بالأمنيات وهي تتخيل الأمر بكل جحود دون لحظة ندم او شفقة واحدة وهنا تملك منها شيطانها أن لابد أن تنتظر بعض من الوقت كي تفكر بالخطوة التالية التي ستخص بها تلك الغبية التي مازالت تعيق جزء من أحلامها...طرق قوي على باب شقتها انتشلها من خضم افكارها السوداوية و جعلها تنتفض وتفر الډماء من وجهها وقبل أن تتوقع الأمر كان والدتها تقوم بفتح الباب ليظهر رجال الشرطة وقبل أن تتفوه بشيء كان الضابط يقول برسمية بعدما تأكد انها هي من والدتها
مدام دعاء اتفضلي معانا بهدوء ومن غير شوشرة
نفت برأسها وقالت بتقطع وبنبرة ترتعش من شدة ذعرها
ليه انا معملتش حاجة
أنت متهمة بالتحريض على قتل جوزك
لطمت والدتها وقالت متسرعة
يالهوي عملتي اللي في راسك يا دعاء
بينما هي كل ما شغلها هو
يعني فاضل مامتش
اجابها الضابط
لحسن حظه يامدام
زاغت نظراتها وهي لاتصدق أن كل شيء ذهب هباء بينما والدتها
اخذت تولول وتتفوه بالكثير الذي يدين ابنتها دون قصد من فجعتها
يبقى علشان كده جيتي وطردتي الخدم .يالهوي تقتلي جوزك بعد كل اللي عمله علشانك حرام عليك يا بنتي ليه عملتي كده
أما هي اخذت تنفي برأسها وتستنكر صاړخة وهي تكتم فم والدتها
اسكت يا ماما اسكت انا معملتش حاجة هتوديني في داهيةلتوجه نظراتها لمن حولها وتستأنف بنبرة غير متزنة وهي تنفي برأسها تدعي البراءة
كدب....كدب انا معملتش حاجة ومش هروح معاكم في حتة... انا مش هتحرك من بيتنا أنا مظلومة فاضل مستحيل يصدق ويتخلى عني هو بيحبني...سيبوني
لم يعيروا صړاخها أي اهمية فقد
سحبوها من ذراعها خلفهم كالماشية التي تنساق لنحرها تماما مثلما كان ينساق هو خلفها ولكن الفرق بينهم أنه كان مغيب بتأثيرها بينما هي قد وقعت بشړ أعمالها.
السابع والثلاثون
مؤلم أن تتصنع الابتعاد وأنت من الشوق تكاد ټنفجر.
جبران خليل جبران
إكده والله ما ليك حج واصل
قالتها قمروهي تدخل لها غرفتها وتجدها منكمشة بالفراش وساهمة في نقطة وهمية في الفراغ إلى ان استحوذت على انتباهها وردت عليها
لأ ليا حق ومتدافعيش عنه
يا حزينة ده الراچل كان هيتخرع عليك وجت ما كنت غميانه ده جطع جلبي وهو هيصرخ بأسمك وكان راسه وألف سيف يچيب حكيم عشان يطمن
تنهدت متسائلة وهي تدعي البرود
هو فين
يهمك أمره بعد ما طردتيه بنص الليل
رفعت نظراتها لها وهي تشعر بالضيق مما فعلت فلم تغمض عيناها وظلت تفكر به وبكل كلمة نطق بها فهي رغم عنادها تعلم انها مخطئة وخطئها فادح بالنسبة له وكم كانت تتخوف من تبعات اخطائها وردود أفعاله نحوها ولكن تقسم أنها لم تتوقع قط أن يتركها ويتخلى عنها دون أن يعير أنه هو حصن أمانها و ملجأها الوحيد منذ صغرها فتعودت تركض إليه حين تخطئ وهو بدوره يتفهمها ويتهاون مع أخطائها ويتغاضى عن أفعالها ويحاول بشتى الطرق احتوائها ولكن هي لم تقدر وتمادت وظنت أنه يفعل شيء اعتيادي لا قيمة له بالنسبة لها ولكن ما حدث من توابع لذلك اليوم المشؤم جعلها تدرك أنها لا تنتمي لشيء في حياتها بقدر ما تنتمي إليه وحقا ذلك ما اوجع قلبها انها اكتشفت ذلك مؤخرا وقبل أن تحصد توابع اخطائها.
واه مسهمة فإيه
انتشلتها قمر من دوامة افكارها لتتلعثم مكررة بلهفة حاولت اخفائها
هو بات فين يا قمر
اعتلى حاجب قمر واجابتها
مخبراش و محدش نضره من وجتها وشكله إكده يأس وعاود البندر يشوف اشغاله
ابتلعت ريقها پخوف وهبت من الفراش متسائلة بلهفة جعلت قمر تتعجب
من حالها
مشى...وسابني
واه مش أنت اللي محچرة راسك وعاوزة إكده
نفت برأسها وهرولت من امامها تتفقد أمره وهي تكاد ټموت ړعبة كونه تركها مرة أخرى فقد بحثت عنه في كافة الغرف وحتى ساحة البيت ولكن لم تجده لتخرج من الباب وتجول محيط المكان بعيون غائمة وأنفاس متلاحقة وقلب يلتوي بين ضلوعها يقصد إيلامها كونها لم تستمع لصرخاته وعصته في سبيل عنادها لتقترب منها قمر متسائلة
ملجتهوش
نفت برأسها...لتخمن قمر
يمكن عاود صوح ده حتى عربيته مش موچودة
نفت برأسها ترفض تصديق الأمر ثم اخذت تعصر عقلها تفكر أين من الممكن أن تجده وإن أتت تلك الفكرة برأسها سألت قمر
تعرفي توديني بيت خالي سعيد
ايوه امال بس هنعمل ايه هناك!
ممكن يكون عنده
وهنا تهكمت قمر كي تسبر أغوارها
ولو لجتيه هتعملي إيههتجبري بخاطره!
تأففت هي وراوغت بنفاذ صبر
لما ابقى الاقيه الأول ابقى افكر هعمل ايه يلا تعالي وصليني
تنهدت قمر وسايرتها ولكن بعدما جلبت لها أحد عبائتها المصحوبة بغطاء الرأس وجعلتها ترتديها وحين فعلت اصطحبتها إلى هناك وما أن وصلوا اخذت تجول محيط البيت بعيناها على أمل ان تجده ولكن بلا فائدة وحينها قالت قمر
مش
متابعة القراءة