فلبي متكبر بقلم سارة نيل
المحتويات
وسحب بعض الأوراق وأخذ يسجل بعض الأشياء ثم هتف
تمام إن شاء الله هنعمل بعض الفحوصات والأشعة قبل العملية وأول ما تنتهي هنحدد وهتدخل العمليات فورا متقلقش كل حاجة تمام
سلم ليعقوب الذي انتصب بوقفته بعض الأوراق والذي قال بهدوء
تمام يا دكتور صلاح هنبقى موجودين في الميعاد وهطبق كل التعليمات
خرج يعقوب يبحث عن رفقة كالملهوف وقد أرشدته ممرضة على موقعها
ولج للغرفة بعد أن طرق بخفة ليفزع قلبه منتفضا فور أن رأى وجهها المذعور وأعينها الدامعة التهمت أقدام الخطوات التي تفصلهم بتلهف وجلس على أعقابه أمامها يمسك يديها بحنان مستفهما بتلهف وقلق
تشبثت بيده بشدة وكأنه طوق نجاتها ثم أخذت تقول وهي تجذبه نحوها تتدثر وتحتمي به قائلة بفزع
يعقوب هما عايزين ياخدوا مني ډم كتير وأنا بخاف أوي من كدا دي حاجة بتخوفني أنا مش بدلع والله بس أنا بخاف حقيقي هما بيقولولي بلاش دلع بس والله أنا بخاف
مټخافيش أنا هنا ولو بتدلعي ادلعي طولك وعرضك يا ست البنات محدش ليه عندك حاجة
وقبل رأسها بحنان هامسا بجدية ممزوجة باللين
بصي يا أرنوبي أنا موجود أهو مش هسمح لأي مخلوق يمس شعره منك سيبي نفسك وامسكي فيا وفكري في حاجة مهمة أو لحظة حلوة مريتي بيها وهتلاقي في ثواني خلصنا ومحستيش بحاجة
رفقة حبيبة ونور عين يعقوب لازم الخطوة دي علشان العملية علشان خاطري أنا استحملي واسمعي كلامي
حركت رأسها بإيجاب على مضض وهي تغمس وجهها في كتف يعقوب الذي يمسك ذراعها بحنان ورفق ثم أشار للممرضة بحدة بينما رفقة فأخذت تذكر الله ثم تتلو آية الكرسي وعملت بنصيحة يعقوب لتتذكر وتشرد في أكثر اللحظات سعادة لها بعد عقد قرآنها على يعقوب وتلك اللحظات التي جمعتهم
خلاص خلصنا كل حاجة انتهت حسيتي بقا بحاجة
ابتعدت قليلا عن يعقوب التي تتشبث به وقد أفل ذعرها لتقول
بس شوية صغيرين
ضحك يعقوب وقرص وجنتها مردفا بمشاكسة وهو يسحب ذراع فستانها للأسفل يحكم ستر ذراعها
جعلها تستقيم فتمسك بذراعه بينما يخرجان تحت أنظار الممرضات الحانقات
كانت رفقة تسير بجانب يعقوب تحتضن ذراعه فنظر هو لتشبثها به بقلب منتفخ بالعشق ليتسائل بنبرة سعيدة
قوليلي عايزه تتغدى فين النهاردة
قالت بدون تردد بصوت حماسي
مطعم البوب أكيد
ضحك وقال بتعجب
طب خلينا نغير طيب مزهقتيش منه بقالك سنة بتاكلي فيه
تسائلت هي بتعجب
وإنت عرفت منين إن بقالي سنة باكل فيه كمان في حاجات وتفاصيل كتيره أوي إنت تعرفها عني مش عارفه تعرفها منين غير موضوع الصورة إللي ماما فاتن قالت عنه !!
ردد يعقوب وهو يفتح لها باب السيارة ويجلسها وقال بمرح
الأرنوب عنده فضول غير عادي المهم هي قصة بسيطة تبان بس هي أحسن حاجة وأهم حاجة حصلتلي في حياتي وأكيد من حقك تعرفيها وهحكيلك بس استني نوصل المطعم
رددت بإصرار ممزوج بالدلال الفطري
أوب يلا قولي دلوقتي على ما نوصل
ضحك وهو ينطلق بالسيارة
خلاص بقاا لما نوصل هحكيلك على كل حاجة
المهم كنت عايز أقولك على حاجة
جعدت جبينها وهمهمت باستماع ليكمل يعقوب
بالنسبة لفلوسك إللي كانت سرقتها عفاف رجعت فتحتلك حساب جديد برقم سري جديد وأمنته كمان
ڠرقت رفقة في صمت براق ثم ابتسمت هاتفة بخجل
طب تقدر تسحب المبلغ كله علشان تكاليف العملية
الټفت لها يعقوب وهدر بصوت متأجج
أيه يا رفقة للدرجة دي مش شيفاني ولا أيه
ليه أنا معدتش موجود علشان تقولي كدا
هتفت مسرعة بلهفة
لأ مش أقصد بعيد الشړ عنك بس
قاطعها يعقوب بصرامة
مفيش بس يا رفقة الموضوع ده منتهي وكمان في حاجة تانية لازم أقولك عليها بس لما نوصل المطعم
انتعش قلبها ومكانته تتفاقم بداخلها أكثر وأكثر من رجولته وشدته اللينة التي تأسرها فإن اللين في القوة الرائعة أقوى من القوة نفسها لأنه يظهر لك موضع الرحمة فيها
التفتت برأسها تجاهه وللمرة الأولى تتمنى من كل قلبها أن لو كانت تستطيع الرؤية لتراه لتتشرب ملامحه الحنون لكن كالعادة الظلام فقط من يقابلها
ورغم هذا تشعر أن عالمها مضيء بل زاهي مزين بالورود ساطعا شمسه
انبلجت ابتسامتها فيلتفت يعقوب ليراها على تلك الحالة لتدثره بتلك النظرة التي أخبرته بالكثير وأربت العشق بداخل قلبه فقد أصبح مقرن بأصفادها للأبد وأصبح ضيها يبزغ وسط ظلمات قيوده
أوقف السيارة أمام المطعم والټفت إليها يتدبر ملامحها النقية بتروي نعم هي جميلة جميلة لا مراء ليست أجمل من رأى يعقوب في حياته ولكنها جميلة جمالا لا يختلط بغيره في ملامح النساء
أردف يعقوب بهدوء
يلا وصلنا يا رفقة
تنحنحت تبعد أنظارها في إبتسامة متوترة فهبط يعقوب ودار أمامها يفتح الباب ثم يأخذ بكفيها برفق لتسير بجانبه والسعادة تتدفق من عينيها
في كل مرة كانت تلج لمطعم البوب تكون بمفردها مثقلة بالهم لكن الآن لقد اختلف الأمر كليا تلج بصحبة يعقوب مفعمة بالسعادة
وفور أن وطأت أقدامهم المطعم الټفت جميع الفتيات من حول رفقة بينما قابل يعقوب عبد الرحمن الذي سلم عليه بحفاوه قائلا بمكره الدائم
يا أهلا وسهلا بيعقوب بدران باشا نورتنا يا باشا والله مطعمنا المتواضع زاده الشرف ونور
لكزه يعقوب بكتفه وسحب رفقة نحو المنضدة المفضلة لديها ثم أجلسها وجلس مقابلها براحة قائلا
إحنا النهاردة ضيوف مش أصحاب المكان فيلا وروني أحسن ما عندكم يا أستاذ عبد الرحمن
فرقع عبد الرحمن باصبعيه مشيرا لألآء وهو يقول بجدية
يلا يا آنسة آلاء انزلي بالمنيو على ترابيزة يعقوب باشا
اقتربت آلاء ثم قبلت رفقة قائلة بطيبة وحب صادق
رفقة أيه المفاجأة الحلوة دي وحشاني أووي بجد
قالت رفقة باشتياق
وإنت أكتر والله يا لول رغم إنهم كام يوم بس أنا كنت متعودة أقابلك كل يوم
تنحنحت آلاء ورددت بحماس وجدية وهي تضع قائمة الطعام أمام يعقوب
شرفتونا مطعم البوب في خدمتكم تقدروا تختاروا الأكل إللي تحبوه المنيو مزود بكل حاجة
ثم انصرفت ليعود يعقوب بظهره للخلف مبتسما بوقار وهو يتناول القائمة بين يديه يقرأ محتواها وكأنه لا يعرفه
بينما رفقة فأغمضت أعينها تستنشق الهواء العليل المحمل برائحة الزهور بنهم وخرير الماء قد أضاف للأجواء لمسة ساحرة
همست باشتياق
المكان هما وحشني أووي بجد حقيقي لو قعدت هنا اليوم من أوله لأخره مش بشبع
إنت إللي أخترت تصميم المكان بالطريقة دي
وإزاي كان حلمك إنك يبقى عندك سلسلة مطاعم بالرغم من إنك خريج هندسة!!
تنفس يعقوب بعمق وأردف والذكريات مازال عودها طريا تمر بعقله كأنها حدثت بالأمس ثم أردف بأعين غائمة
من وأنا طفل كنت بتمنى في الأجازات لبيبة تاخدني ونروح أي مطعم نتعشى فيه كتغيير زي كل الأطفال مع أهلهم
بس دي كمان كانت حاجة ممنوعة عند لبيبة بدران فكتفكير طفولي قولت لما أكبر هعمل مطاعم كتيره وهخلي وجبات كتيره للأطفال مجانية وفضلت أحلم وأتخيل ومتوقعتش إن الحلم يكبر معايا ويعشش جوايا
وأول ما بدأت أخرج من ثوب لبيبة وأتمرد عليها كنت في الجامعة وبدأت أشتغل من الصفر بعيد عنها وطبعا دي حاجة معجبتهاش بس أنا مرجعتش أبدا بعد ما اتحررت من سجنها وقيودها وبدأت أنفذ فكرة المطعم وأثبت أول حجر في حلمي بمالي الخاص كل تصميم المكان والأفكار إللي فيه من دماغي أنا وأفكاري الخاصة واخترت البساطة والرقة غير جودة الأكل والأسعار المناسبة للجميع
وأفكار الطفولة فادتني أكيد وجبات الأطفال مجانية تماما وبما إن كان عندي أفكار متشددة على موضوع الإختلاط فخصصت مكان للبنات ومكان للشباب ومكان للثنائيات سواء أزواج أو أسر وهكذا
رفع رأسه ينظر لكل ركن في المكان بأعين لامعة وأكمل تحت أسماع رفقة التي تستمع بإصغاء شديد بقلبها لا بأذنها
المكان هنا مش حلمي بس دا حلم كل واحد هنا أحلام شباب وبنات كانوا منتظرين فرصة علشان يثبتوا نفسهم بس مكانتش بتيجي
كلنا هنا كبرنا ونجحنا مع بعض
الشيفات إللي هنا لما بدأوا كانوا لسه عند الصفر رفضت أختار ناس متمرسة أو شيفات كبيرة كنت حريص أختار الناس إللي كان نفسها في فرصة وكل واحد اتوظف في المكان إللي كان حلمه والحمد لله كلهم أثبتوا جدارتهم ونجحوا كل واحد كان بيجتهد علشان حلمه كنا كلنا بنجتهد علشان نبني اسم
وفعلا لمع اسم البوب وفتحنا بدل الفرع تلاته
بس هنا كان أول فرع دا كان بداية الحلم
وعلى الرغم إن بحب المكان هنا جدا بس مكونتش باجي هنا وكنت بباشر الشغل عن طريق عبد الرحمن إللي مستلم كل حاجة في الفرع ده
وقبل أن يكمل حديثه تسائلت رفقة بفضول ولهفة
طب ليه!!
قال دون مراوغة
لأن الفرع ده قريب من لبيبة كنت عايز أبقى بعيد عنها على قد ما أقدر استقريت في مدينة تانيه وبقيت أباشر شغلي من هناك
لغاية ما كلمني عبد الرحمن علشان شوية شغل وبصراحة حنيت للمكان هنا وقولت أجي والواضح إنها كانت إرادة ربنا علشان أجي هنا وأقابلك كانت تدابير ربنا وجابني من هناك لهنا بأسباب مش مفهومة
ربنا ساقني من هناك لهنا لأجل رفقة وبس
أومض الحب بأعين رفقة مبتسمة بشغف وهي تتذكر تمسكها الدائم بهذا المكان وتشبثها به واستمرارها على المجيء هنا رغم كل شيء
رددت بهمس بوجه متورد
ورفقة كانت بتيجي هنا كل يوم لأجل تدبير الله عز وجل رفقة كانت بتيجي هنا كل يوم منتظره قدرها منتظره يعقوب
مد يده يحتضن كفها بحنان ثم قال بنبرة تزلزل الجبال الراسخات
أنت معجزتي بأوآن انتهت به المعجزات أنت الربيع الذي ظلل قحط قلب يعقوب
همست له رفقة أيضا بقلب ينهمر منه العشق الصادق وقد أصبح قلبها ملكا خالصا ليعقوب رهن له فقط تقر هي دون تلجلج بأن يعقوب قد نال قلبها وعشقها وكيانها
لقد مكثت في الظلام طويلا لكن حين حللت أضيء عالمي
كانت تتحدث وهي مثبته أعينها باتجاه عيناه لم ترفق بحالته المستعصية فحتى حروف اسمها قادرة أن تتحكم بملامحه فكيف بعينيها!
فماذا عساه أن يفعل بعد هذا!!
وقبل أن يهتف تسائلت رفقة بحماس
يلا بقى قولي على إللي قولتلي هتقولي عليه وأيه موضوع الصور ده
ابتسم يعقوب على حماسها وبدأ يسرد لها القصة منذ أن رأها وسوء الظن الذي اعتقده بها وكل ما مر به وكيف أنه أخذ يتتبع سجلات الكاميرات التي توجد هي بها
كان حديثه تحت دهشة رفقة وصډمتها وحزنها على سوء ظنه تجاهها ليختم حديثه بقوله المزين بالحزن والألم والصدق
رفقة أنا مكونتش أعرف والله دا علشان أنا مليش اختلاط بالناس وأنا
متابعة القراءة