روايه بقلم شاهنيده
المحتويات
على باله هذا المكان من قبل وقد عاشت فيه لفترة قصيرة قبل أن يتزوجها..لابد وأن هناك خطب ما فى رأسه أو أن غيابها لم يترك له عقل بالتأكيد ليفكر به..ليبتسم فى إنتصار وهو ينطلق بسيارته بسرعة يسابق الريح كي يصل إليها..يزيد من سرعة السيارة فهو فى شوق لرؤية محبوبته والإطمئنان على طفله..فلم ينتبه لتلك السيارة التى جاءت من الطريق المعاكس..حاول تفاديها بكل قوته ومهارته فى القيادة وبالفعل تفاداها لكنه وجد نفسه متجها إلى شجرة حاول كبح فرامل سيارته ولكن وللأسف الشديد..كانت محاولة متأخرة..ليصطدم بالشجرة پعنف وترتطم رأسه بالمقود وهو يشعر بالألم الشديد قبل أن يغرق فى ذلك الظلام الذى أحاط به.
ألو.
إنتتفضت فجأة وإحتلت ملامحها السعادة وهي تقول
يحيي..
ثم تلاشت إبتسامتها وعقدت حاجبيها قائلة
إمتى الكلام ده حصل
لتنفض الغطاء عنها بسرعة وهي تقول
طيب أنا جاية حالا ..مسافة السكة.
ليستيقظ مجدى على صوتها ويفرك عينيه وهو يراها تحدث أحدهم فى الهاتف ليقول بنعاس
كانت بشرى ترتدى تنورتها وهي تقول بسرعة
ده يحيي..مراد عمل حاډثة ولازم أروحله المستشفى حالا.
نهض بدوره قائلا
طيب ..أوصلك
قالت بشرى بإستنكار
توصلنى فين بس..انت عايز يحيي يشوفك وتبقى مصېبة..المستشفى قريبة من هنا ..مش بعيدة..مسافة السكة.
أومأ مجدى برأسه متفهما وهو يقول
أومأت بشرى برأسها وهي تقول بسرعة
هطمنك ..سلام دلوقتى.
وتركته لتغادر الحجرة يتبعها بعينيه فى قلق..يتمنى أن تصل إلى المستشفى دون أن يصيبها.....أي مكروه.
دلفت بشرى إلى المستشفى وإتجهت مباشرة إلى الحجرة التى أخبرها يحيي بوجودهم بها لتتجمد مكانها وهي تجد يحيي يقف أمامها يضم رحمة إلى جانبه و تميل هي على صدره تبكى بدموع التماسيح..لتستدر عطفه بينما ينظران من خلال تلك النافذة الزجاجية للقابع بالداخل على سريره ملتفا ببعض الأربطة التى تحيط برأسه ويده..إشټعل الحقد بداخلها خاصة وهي تستمع إلى نبرات يحيي الحانية وهو يقول
لتقول هي بهمس باكى
يارب يايحيي ..يارب.
..لتتقدم بخطوات غاضبة بإتجاههما وهي تقول بنبرات خرجت رغما عنها محتدة وهي تقول
أخبار مراد إيه يايحيي
إلتفتا لها سويا لتحاول رحمة الخروج من بين ذراعي يحيي بينما تمسك يحيي بها رافضا ما تفعله..ليقول هو
الحمد لله يابشرى..نجا بأعجوبة..مجرد كسر بسيط فى الدراع..وچرح بسيط فى الراس..مفيش ڼزيف داخلى الحمد لله ..بس الغريبة إنه دخل فى غيبوبة..الدكاترة بيقولوا ملهاش سبب عضوى وان غالبا السبب نفسى..ولما هيكون مستعد هيخرج منها بنفسه.
ألقت بشرى نظرة عابرة على مراد ثم عادت بعينيها إلى يحيي ورحمة التى مازال يضمها إلى جانبه تطرق برأسها فى حزن تتساقط دموعها ..لتقول بشرى بحنق
نظرت رحمة إليها فى صدمة..تتساءل عن تلك القوة التى تتحدث بها وزوجها هناك على سرير المړض يعانى من آثار حاډث كاد أن يودى بحياته..بينما لا يظهر بعينيها حتى أي أثر لألم او أي شعور ..لتفيق من صډمتها على صوت يحيي الصارم وهو يقول
مراتى تعمل اللى هي عايزاه فى أي مكان يابشرى وإذا كان الإحساس بالنسبة لك أو لغيرك عمايل متليقش بمكان محترم فاللى مش عاجبه يخرج من المكان..لإنه أكيد المكان المحترم اللى بتتكلمى عنه ده بتاعى صاحبى أنا..يعنى بتاعى ..وأنا اللى مش هقبل يكون فيه ناس معندهمش أي إحساس..ومش هقبل مراتى فيه تتمس ولو بكلمة واحدة من ناس زي دول.
أدركت بشرى أنه يقصدها بكلامه لتتراجع عن حديتها وكلماتها قائلة بمداهنة
أنا مقصدتش كدة
بس...
قاطعها قائلا بضجر
بشرى..أنا أخويا فى أوضة فى مستشفى جوة غيبوبة مش عارف هيفوق منها إمتى.. ودماغى فيها كتير ومش ناقص ۏجع دماغ..فياريت تشوفى مكان وتقعدى فيه أحسن.
نظرت إليه بشرى فى حنق لمعاملته الجافة لها..لتبتعد بخطوات غاضبة بإتجاه هذا المقعد المواجه للحجرة وتجلس ..تطالعهما يعودان إلى مكانهما أمام النافذة بعيون ظهر بهم حقدا شديدا ..تفكر فى طريقة للتخلص من تلك التى إستطاعت أن تروض هذا الليث وتجعله كالحمل الوديع بين يديها....تماما.
إقتربت نهاد من شروق الجالسة بالشرفة تشرب فنجال من الشاي وتتطلع إلى الأفق فى شرود ..لتقول فى تردد
شروق.
إلتفتت إليها شروق قائلة بهدوء
أيوة يانهاد.
قالت نهاد بإضطراب
أنا ..الحقيقة..يعنى...
عقدت شروق حاجبيها وهي تلاحظ التوتر على ملامح صديقتها لتقول بحيرة
مالك يانهادفيه إيه
قالت نهاد وهي تحسم رأيها فيجب أن تعرف شروق الحقيقة لتقول بحزم
مراد عمل حاډثة.
وقع كوب الشاي من يد شروق لينكسر بصوت مدوي وهي تنظر إليها بعيون متسعة من الصدمة وقلب يرتجف ړعبا وهي تقول پألم
مراد جوزى
أومأت نهاد برأسها وهي تنظر إلى ملامحها الشاحبة فى شفقة قائلة بسرعة
هما بيقولوا إنه الحمد لله نجا منها بس دخل فى غيبوبة.
تتلقى شروق صدمة تلو الأخرى پألم لتقول بهذيان
غيبوبة..مراد..جوزى أنا..عرفتى منين يانهاد
اقتربت منها نهاد متجنبة ذلك الزجاج المكسور وهي تأخذ بيدها تبعدها عنه وتدخلها إلى الحجرة لتكون بأمان قائلة بحنان
إنتى ناسية إنى ممرضة فى المستشفى بتاعة الدكتور رءوف صاحب يحيي و مراد..أنا لسة جاية من هناك حالا..أنا بس عايزاكى تمسكى نفسك وتتمالكى أعصابك عشان تشوفى هتعملى إيه ياشروق
نظرت إليها شروق وقد أغروقت عيناها بالدموع قائلة
هروحله طبعا ..أنا لازم أشوفه يانهاد.
قالت نهاد
طيب إهدى..هتشوفيه ياشروق..بس هنظبطها إزاي ومراته أنا شايفاها بنفسى هناك.
تساقطت دموع شروق وهي تقول
معرفش ..بس عشان خاطرى يانهاد..إتصرفى أنا عايزة أشوفه.
فكرت نهاد قليلا ثم قالت
أخوه يحيي..مفيش غيره ممكن يحل المشكلة دى.
إتسعت عينا بشرى قائلة بإستنكار
لأ طبعا..يحيي لأ.
قالت نهاد
إنتى مش قلتى إن يحيي عارف بجوازكم..يبقى ليه لأ
قالت شروق بحزن
يحيي عرف بجوازنا بالصدفة لما دور ورا أخوه ولاقاه بييجى كتير الشقة عندى..ولما جالى وبهدلنى عشان كان مفكرنى واحدة من إياهم..اضطريت أوريله قسيمة جوازنا..بس حلفته ميقولش لمراد ..لإن مراد حابب جوازنا يفضل سر..وفعلا حافظ على وعده.
قالت نهاد
يعنى راجل كويس..وهيقدر رغبتك فى إنك تشوفى جوزك وتتطمنى عليه..وهو الوحيد اللى هيقدر يهيألك الفرصة..إيه المشكلة بس
هزت شروق كتفيها فى قلة حيلة وهي تقول
مش عارفة بس خاېفة أكلمه..وبعدين هجيب بس رقمه منين..رقمه مش معايا أصلا
قالت نهاد
دى سهلة ..سيبيها علية..هجيبها منه هو شخصيا..بس يلا جهزى نفسك..وأنا دقايق وأكون عندك.
إبتلعت شروق ريقها بصعوبة وهي تخشى إجراء تلك المكالمة ولكن من أجل مراد هي مستعدة لأن تفعل.....أي شئ.
رأت رحمة يحيي عائدا بعد أن إبتعد عنهم قليلا وهو يجيب على مكالمة لإحداهن..تدعى شروق..لتقول بغيرة يشوبها الحيرة
مين شروق دى يايحيي
أشار
لها يحيي بالصمت وهو يتنحى بها بعيدا عن بشرى قائلا
تعالى بس هنا وأنا اقولك.
عقدت حاجبيها قائلة بحنق
مين دى يايحيي..السكرتيرة بتاعتك ولا عميلة عندك
رفع يحيي حاجبيه قائلا بإستمتاع
حبيبتى غيورة أوى على فكرة
نظرت إليه بغيظ ليبتسم قائلا
طب خلاص خلاص..دى ياستى لا سكرتيرة ولا حتى عميلة..دى مرات أخويا.
نظرت إليه بدهشة قائلة
أخوك مين
رفع حاجبه قائلا
هيكون مين ..مراد طبعا.
شهقت لتكتم شهقتها بسرعة وهي تنظر إلى بشرى لتزفر فى راحة حين رأتها تتحدث بالهاتف ولا تعيرهما إهتماما..لتعود بعينيها إلى يحيي الذى كان يتابعها بتسلية وهي تقول بحيرة
هو مراد متجوز واحدة تانية غير بشرى
رفع حاجبيه قائلا
أيوة..شروق.
عقدت حاجبيها قائلة
طب إزاي وليه
قال بهدوء
لأ..دى قصة طويلة أوى هبقى أحكيهالك بعدين..المهم دلوقتى إنها جاية فى الطريق وعايزة تشوف مراد..وأنا عايز أشوف حل للمصېبة دى اللى إسمها بشرى عشان أبعدها عن المكان قبل ما تيجى وتبقى کاړثة..عندك حل يا حبيبتى
ظهر التفكير على وجهها لثوان ليعشقها يحيي أكثر وأكثر يتمنى لو ضمھا إلى صدره الآن وأسكنها بين ضلوعه للأبد فيبتسم وتظهر غمازتيه الرائعتين حين لمعت عيناها وقالت بإنتصار
لقيتها.
سردت على مسامعه خطتها الصغيرة الذكية ليدرك أن فاتنته هي فتاة مليئة بالمفاجآت وأن عشقه لها ليس من فراغ........ليس من فراغ أبدا.
الفصل العشرون
دلفت شروق إلى حجرة مراد بجسد يرتعش قلقا على هذا الممدد على سرير المستشفى..تحيطه الأربطة البيضاء المرعبة..إنهمرت دموعها فى صمت وهي تقترب منه..ترى شحوب وجه الذى أوجس قلبها خيفة عليه..جلست بجواره ومدت يدها تحيط بيده اليسرى السليمة بلهفة حزينة..تقول بهمس مرير
سلامتك ألف سلامة ..ياحبيبى يامراد..ياريتنى كنت أنا اللى بدالك..ليه بس مأخدتش بالك من نفسك..إنت مش عارف غلاوتك عندى..إنت مش عارف لو جرالك حاجة أنا ممكن يجرالى إيه
لتسرع وهي تهز رأسها بجزع قائلة
لأ..بعيد الشړ..إنت مش ممكن يجرالك حاجة أبدا..مفهوم..إنت روحى يامراد..ومن غيرك أموت.
...لتشير رحمة إلى يحيي كي يبتعدا عن النافذة الزجاجية ويتركا لها بعض الحرية لتعبر عن مشاعرها بخصوصية..ليجلس يحيي وتجلس بجواره رحمة على تلك الكراسي المقابلة للحجرة..إستندت رحمة إلى كتف يحيي فرفع يده ووضعها على كتفها لتضم نفسها إليه تمد يدها وتمسك يده الأخرى تتخلل
أصابعه بأصابعها وهي تقول بهمس
أنا عرفت دلوقتى ليه مراد إتجوز على مراته..شروق هي بجد اللى تستاهله..هي مراته الحقيقية..واضح جدا إنها بتحبه..وأكيد هو كمان بيحبها.
تنهد يحيي قائلا
هي فعلا بتحبه..بس مع الأسف هو مش شايف حبها ده..معمي بحب واحدة تانية.
عقدت رحمة حاجبيها وهي تعتدل قائلة
واحدة تانية..بس مراد مبيحبش بشرى وإلا مكنش إتجوز عليها..وكمان مش باين أبدا إنه بيحبها.
قال يحيي بهدوء
بشرى مش هي الإنسانة اللى بيحبها يارحمة..
عقدت حاجبيها قائلة فى حيرة
أمال هي مينوياترى أعرفها
أومأ برأسه إيجابا قائلا
أيوة.
إزداد إنعقاد حاجبيها وهي تقول
مين دى..قول بسرعة يايحيي متحيرنيش.
تأملها لثوان حبست فيهم أنفاسها ليقول هو بهدوء
إنتى.
نهضت وقد إتسعت عيناها فى صدمة قائلة
أنا
أومأ برأسه قائلا
أيوة إنتى..بس إهدى كدة وأقعدى عشان أفهمك.
جلست ومازالت الصدمة ظاهرة بعينيها ليستطرد يحيي قائلا بشرود
أنا هحكيلك حكاية صغيرة....
من زمان ..عرفنا إن عمى إتجوز وجاب طفلة تانية غير راوية إسمها رحمة..وإنها جميلة ورقيقة زي البدر..بتشبه مامتها بالظبط ..كان نفسنا نشوفها بس جدنا كان مانعنا..ولما هربت مامتها وباباها اتوفى..دخلت هي حياتنا..دخلتها بطلتها..بجمالها..بسحرها ..بطيبتها وخفة ډمها..دخلتها بروحها اللى جذبت الكل وخلتهم إما عاشقين لها أو غيرانين منها زي بشرى..للأسف حبها الإخوات التلاتة ..وللأسف برده محدش فيهم صارح التانى بمشاعره..الكبير كان عاميه حبه عن إنه يشوف إن إخواته هما كمان حبوا حبيبته..أما الصغير ولإنه طايش ومچنون ومريض نفسى ..قدر يتجوزها رغم حب أخوه الكبير ليها وحبها ليه..وبعدها إكتشف الأخ الكبير أن أخوه الوسطانى كمان بيحبها لما إعترفله بالحب ده فى لحظة ضعف منه بعد جوازها من أخوهم الصغير ..كانت صډمته كبيرة وهو شايف إخواته حبوها زي ما حبها هو بس اللى كان متأكد منه إنهم محبوهاش أده..وإنهم لو حبهم فى يوم إنتهى من قلوبهم..حبه هو مش ممكن ينتهى وإنه محفور فى جلده.. فجأة الصغير عرف إنها مبتحبوش وده جننه ..والأخ الوسطانى بدأ يفوق من وهمه قبل ما يتجنن هو كمان ..لكن حب الأخ الكبير لرحمة هو
متابعة القراءة